تقدمت الحكومة اللبنانية باستقالتها، وذلك وسط موجة عارمة من الغضب جراء الانفجار الهائل الذي ضرب العاصمة بيروت الأسبوع الماضي.
وأسفر الانفجار عن مقتل 200 شخص على الأقل، وإصابة 6 آلاف، وتشريد نحو 300 ألف.
وقال رئيس الوزراء، حسان دياب، في كلمة بثها التلفزيون، إنه يؤيد دعوات المواطنين لمحاكمة المسؤولين عن "هذه الجريمة".
وأضاف: "اليوم نحتكم إلى الناس، إلى مطلبهم بمحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة المختبئة منذ سبع سنوات، إلى رغبتهم بالتغيير الحقيقي من دولة الفساد".
وقال دياب: "نريد أن نفتح الباب أمام الإنقاذ الوطني الذي يشارك اللبنانيون في صناعته، لذلك، أعلن اليوم استقالة هذه الحكومة."
وجاء قرار الاستقالة عقب اجتماع للحكومة يوم الاثنين، في ظل رغبة العديد من الوزراء في تقديم استقالتهم، بحسب مصادر وزارية وسياسية.
وكان دياب قد أعلن يوم السبت دعوته إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
واستقال وزيرا الإعلام والبيئة يوم الأحد، وكذا عدد من المشرعين، تبعهم وزير العدل يوم الاثنين.
وقالت السلطات اللبنانية إن الحادث كان نتيجة انفجار 2750 طنا من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة بطريقة غير آمنة في مرفأ بيروت لست سنوات.
وقوبل قرار الاحتفاظ بهذه الكمية الكبيرة من تلك المادة في مستودع قريب من وسط المدينة بحالة من الغضب وعدم التصديق من قبل عدد كبير من اللبنانيين، الذين يتهمون الصفوة الحاكمة بالفساد، والإهمال، وسوء الإدارة.
تحليل- نسرين حاطوم مراسلة بي بي سي -بيروت
مرة جديدة، لبنان بلا حكومة وسط عاصفة سياسية لا يعلم أحد كيف ستنتهي.
فها هو رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب الذي كرّر مرارا وتكرارا عدم نيته تقديم الاستقالة في أكثر من مناسبة، يتقدم باستقالته تحت ضغط شعبي وسياسي بعد أيام على انفجار مرفأ بيروت الذي هزّ لبنان واللبنانيين.
"اللي استحوا ماتوا" هكذا اختصر دياب ما رافق توليه للحكومة مما سماه اتهامات وتجني على حكومته.
ولكن ماذا بعد استقالة دياب؟
رئيس الجمهورية ميشال عون كلّف الرئيس دياب تكليف الأعمال لفترة مؤقتة.
في هذه الأثناء ستتم الدعوة لإجراء استشارات نيابية ملزمة ستسمّي في خلالها الكتل النيابية من يروه مناسباً لتولي رئاسة الحكومة.
ومن يحصل على عدد أكبر من الأسماء يكلف تشكيل الحكومة وهنا تبدأ مرحلة أخرى.
كيف سيكون شكل الحكومة؟ هل ستكون حكومة تكنوقراط كما نادى الشارع اللبناني عشية انطلاق ما يسمى بثورة السابع عشر من تشرين الأول؟ أم ستكون حكومة وحدة وطنية كما "طلب" الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة إلى لبنان؟.
للبنان سوابق مع حكومات وحدة وطنية تمثلت فيها القوى السياسية على مختلف أطيافها، حكومات تأتي في ظل تصارع الأطراف السياسية على ملفات وقضايا سياسية وأمنية "تتجمّد" بسبب عدم التوصل إلى توافق الأكثرية الوزارية.
الأهم هو معرفة من سيأتي رئيساً للحكومة المقبلة، فالجميع يعلم أن الاسم الوحيد المطروح هو سعد الحريري، ولكن هل سيقبل الحريري رئاسة حكومة فيها ممثلون عن حزب الله؟.
إن غضت واشنطن النظر عن هذا الأمر بحكم نصيحة ماكرون للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حين قال له "عقوبات واشنطن على حزب الله تأتي بآثار عكسية"، هل ستغض الرياض النظر بدورها وتعطي الضوء الأخضر للحريري؟.