المحامي الشيخ ابوه : قانون النوع مستنسخ من تشريعات أخرى وهذه أبرز الملاحظات عليه / مقابلة

خميس, 14/05/2020 - 18:22

نوافذ (نواكشوط ) ــ استضافت مجموعة "نوافذ الإعلامية " في حلقة نقاشها البارحة  الدكتور الشيخ سيدي المختار ابوه للتعليق على قانون النوع المقدم للبرلمان .

وقد أكد المحامي والدكتور الشيخ في نقاشه لمشروع القانون أنه يتضح من قراءته أنه مستنسخ من تشريعات أخرى وهي ظاهرة غير جيدة ، ف"من الصدفة البالغة أن تصلح قوانين أمة لأمة أخرى "

ورأى المحامي الشاب أن بعض مواد مشروع القانون تحتاج تعديلا لمواكبة منظومتنا التشريعية ، وأهم مصادرها وهو الشريعة الإسلامية .

وهذا نص الحوار :

نوافذ :  أهلا بكم الدكتور ما قراءتكم لقانون النوع ، وأين هو من القوانين التي سبقته ؟

الدكتور الشيخ : أعتذر عن التأخر لظروف خارجة عن الإرادة وأتشرف بوجودي معكم لنقاش مشروع القانون المثير ، أذكر بداية أن قانون النوع لم يعد قانونا بعد لأنه لم يصادق عليه من طرف البرلمان ، ولم يصدقه الرئيس فهو مشروع قانون لا قانون ، ويحمل اسم "مشروع مكافحة العنف ضد النساء والفتيات " وسبق أن قدم مرتين للبرلمان تحت عنوان : "قانون النوع ،" وهذه المرة يحمل هذا الاسم وأجريت عليه تحسينات لكنها لم تمنع من أن فيه مواد تحتاج تعديلا لمواكبة منظومتنا التشريعية ، وأهم مصادرها وهو الشريعة الإسلامية ، لأنه ظاهرة استنساخ القوانين ليست جيدة ، وكما قال "مونتيسكيو" : (من الصدفة البالغة أن تصلح قوانين أمة لأمة أخرى ) ، فالقانون مبدئيا جيد رغم تحفظي على بعض مواده ، حيث يتضح أنه مستنسخ من تشريعات أخر ى ، وكان ينبغي لمن استنسخون تنقيحه لملاءمته مع منظومتنا وخصوصيتنا ، ومعتقداتنا ، وهو قانون فيه الكثير من الإيجابيات ومنهم لأنه يوفر الحماية للنساء والفتيات ، ويحمل ضمانات تحمي المرأة من العنف ، وهي فعلا تتعرض له أحيانا ، لكنه لم يسلم من مآخذ من أهمها :

عدم مطابقته لمعتقدات الشعب ، وما جاء في الدستور من أن الإسلام هو دين الشعب والدولة ، وهذا المبدـأ الدستوري دعمته مبادئ أخرى منها أن الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع ، وبالتالي كان ينبغي أن لا يكون القانون يعارض الشريعة بوصفها المصدر الأساسي للتشريع ، وهذا ما كان ينبغي مراعاته في صياغة القانون ، اليوم وبعد رفعه للبرلمان من المتوقع رفضه حتى يتم تعديله ليتلاءم مع الشريعة الإسلامية وفي انتظار ذلك أسر جملة من الملاحظات عليه :

1 ــ في المادة 35 التي جعلت من يتزوج قاصرا عرضة للسجن وكذلك الشهود ومن علم وهذه المادة ليست موضوعية لأن مصلحة الفتاة قد تقتضي تزويجها قبل سن 18 وهذه المادة تتناقض مع الشريعة الإسلامية التي أجاءت تزويج المرأة قبل 18 سنة عندما تقتضي ذلك مصلحتها ، وبالتالي فإن اللجنة التي صاغت مشروع القانون كان بإمكانها تلافي هذا الأمر بما فعل المشرع المغربي من تجريم تزويج القاصر ، مع إجازته بإذن القاضي بناء على طلب الولي .

المادة المتعلقة بحرية المرأة أيضا تتعارض مع التربية السليمة ومع مقتضيات الشريعة لأن حرية المرأة حين تؤدي لخروجها عن تعاليم الإسلام تكون لا معنى لها ، وحين تخرجها عن تربية المجتمع وتفسد أخلاقها تكون أيضا بلا معنى  ، هي إذن مادة يتضح أنه لا يمكن تطبيقها على شعبنا لأن حرية قد تتيح للفتاة اقتياد أبيها للقضاء عند تقييده لحريتها .

العالم اليوم وفي ظل غزو الأفكار يؤكد أن منح الحرية لشخص لا يميز بين الصالح والطالح فيه مضرة للأسرة والفتاة وحين يحيد دور الأسر في التربية ينتج عن ذلك ضرر للنساء لا حماية لهن ، وستترتب على هذه المادة خلافات بين الولي ووصيه وبالتالي للحفاظ على كينونة الأسرة يجب تعديل هذه المادة أو إلغاؤها لتعارضها مع النص الصريح والمصلحة الواضحة .

أنبه هنا أنني أناقش النسخة المكونة من 55 مادة في ظل تعدد النسخ ، كذلك أتحفظ على السلطة غير المبررة التي منحت للمنظمات الحقوقية من أجل رفع قضايا في المسائل المترتبة على هذا القانون ، وفي ظل انتشار المنظمات الساعية لمصالحها الخاصة وتطبيق أجندة خارجية لن تكون مصلحة الأسرة هي الدافع ، لأن هذه المنظمات ستوظف مصالحها للإضرار بالمجتمع والأسرة .

التلميدي أحمد سيدي : أشكركم وأسأل عن الفرق بين القانون والأمر القانوني والمرسوم والمقرر وقوة كل واحد منهم القانونية ؟

وسؤال الثاني : لا أفهم المسوغ الذي يسوغ قانون وضعي بحضور الشريعية الإسلامية ، قرأت النصوص ولاحظت فهيا باستنساخا من قوانين وضعية ، وكان في رأيي الأولى عرض مشروع القانون على الفقهاء وأهل الرأي فإذا كانت فيه حاجة قدموه وإن كان في الشريعة كفاية عنه تركوه ، أسأل هنا أين سنضع القانون من الشريعة ؟

الشيخ : القانون والأمر القانوني سأحاول إجابة مختصرة : القانون هو المجموعة من القوانين التي تنظم سلوك الأفراد داخل المجتمع ، وتتميز بقاعدة سلوك اجتماعي ، وملزمة لأنه يترتب عليها جزاء .

الأمر القانوني : هو قانون يصدر في ظروف غير عادية ، وهو يساوي القانون ويصدر عن سلطة غير سلطة البرلمان ، أي السلطة التنفيذية ، كما هو الحال في القوانين التي تصدر في أيام الأحكام الاستثنائية ومنها عندنا "قوانين الالتزامات والعقود ، والعقوبات ...ــ قديما ــ وحديثا الأوامر القانونية المستصدر مؤخرا لمحاربة كورونا .

القوانين في ترتيبها تأتي المعاهدات الدولية أو الدستور أولا على خلاف في ذلك ، ثم القانون الصادر عن السلطة التشريعية ، ثم القانون الصادر عن السلطة التنفيذية بموجب تفويض ، ثم القوانين التنظيمية التي تكمل القوانين ، ثم المراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية لتنظيم مرفق عمومي ، ثم القرار ثم المقرر ثم التعميم ...

بالنسبة لملاحظتكم حول قانون النوع أوافقكم فيها ، فهي دقيقة حيث يفترض في القانون المرور بالفتوى والمظالم لكن لعل الوزارة استعجلت ، وحسب ما يشاع فهنالك جهات خارجية ضاغطة لتمرير مشروع القانون ، وواضح لنا كعوام أن فيه ما لا يتماشى مع الأبجديات الشرعية ، لكن أملي أن تسحبه السلطة التنفيذية لتعيده للجنة تصحيح وتنقيح مختصة ، خاصة أننا لمسنا في السلطة الحالة حرصا على الثوابت ، وإذا لم تسحبه السلطة التنفيبذية أعتقد أن البرلمان سيقوم برفضه ، أنا مطمئن أن القانون سيخرج بالشكل الذي يوافق الشريعة والدستور .

نوافذ : ما هي سيناريوهات مرور مشروع القانون بالبرلمان ؟

الشيخ : السيناريو الأقوى هو رفضه حتى يتم تعديله ، وفي كل الحالات البرلمان أمامه ثلاث خيارات :

ــ أولها تكليف لجنة بتعديل القانون مع الاستعانة برأي الفقهاء ثم عرضه للتصويت وسيصوت عليه كقانون يحمي المرأة ولا يتعارض مع الشريعة .

ــ رفضه ليصبح كأن لم يكن

ــ مصادقة البرلمان عليه دون تعديل وأنا أرجح عدم التصويت عليه .

أحمد سالم أحمد : سؤال الأول : ذكرتم في المادة 54 تدخل جمعيات المجتمع المدني لمناصر النساء وأظن أن ملاحظتكم حقيقية في ظل تعدد الولاءات فهل هذا التدخل مشروط بمخاطبة الضحية للجمعيات أم أنها تتدخل بدون إذن الفتاة ؟

المسألة الثانية الدستور أبو القوانين  وهو ينص أن مصدر التشريع هو الشريعة ، في حال تمرير القانون المثير دون تعديل فهل هنالك إمكانية لإسقاطه بحجة معارضته الشريعة ؟

الشيخ : أسئلة جيدة بالنسبة لسؤالكم المتعلق بإمكانية تدخل منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني الخطير فيه أنهم لا يأتون تبعا لطلب الفتاة وإنما حسب تقديراتهم ، وهي مادة تفتح نافذة على عدم استقرار الأسرة وهو مصدر رجائي أن يغيرها البرلمان .

بعد المصادقة هنالك إمكانية طعن بعدم الدستورية أمام المجلس الدستوري ، وأعتقد أن تأسيسه موجود لأن الدستور ينص أن الشريعة هي مصدر التشريع ، لكن هذا الطعن متاح فقط لثلث البرلمان ، أو لرئيس الجمهورية ، أما غيرهم فلا يحق لهم الطعن في القانون المصادق عليه من طرف البرلمان .

اتبيره بنت أحمد لولي : شكرا الدكتور بشرتنا أن النسخ ليست فيها نسخة مؤكدة ونحن مطمئنون أن حكومتنا ستقدم نسخة تلبي طموح المرأة وليس فيها ما ينتقد ، أسمع دائما قضية الاستنساخ لما ذا لا نتجاوز هذه القصة ؟

حدثتني أخت من أهل القانون أن 18 سنة بالنسبة للزواج كان يمكن استبدالها بحتى تبلغ لأن سن البلوغ عند المرأة مفتوحة فهل يمكن ذلك ؟

ــ الحريات وتقييدها : أعتقد أن النساء يقبلن بما أقرته الشريعة فإذا كانت أتاحت لهن الحرية لن يصغين للمجتمع فملا قبل سنوات كانت دراسة المجتمع منكرا لا يمكن نقاشه اليوم أصبحت شيئا عاديا ؟

الشيخ : شكرا المديرة ظاهرة استنساخ القوانين كان من المفترض أن نكون تجاوزناها منذ أمد لوجود قانونيين مبرزين لكن الواقع خلاف ذلك ، رغم ذلك هنالك تدرج نحو مرتنة القوانين .

بخصوص البلوغ القانون يحدد بالأهلية القانونية وهي 18 سنة والحل أنه قبل 18 سنة تزوج إذا اقتضت مصلحتها ذلك ، حرمانها من هذا الحق فيه تقييد ، ومخالف للشريعة ، عموما نحتاج ملاءمة بين الشرع ومصلحة المعنية .

النسخ بالتأكيد غير متفق عليها ، وأنا لدي إيمان أن الحكومة لن تقدم إلا ما يتفق مع ثوابت الأمة ، وإن قدم بالخطأ ستسحبه ذلك المتوقع منها ، والمؤمل فيها .

بالتأكيد نحتاج إلى  التطور لكن بالملاءمة مع مقتضيات الشريعة والمرأة تقبل ذلك والمطلوب أن لا نقيد حريتها بشيء يجيزه الشرع .

نوافذ : شكرا لكم