نقيب المفتشين يكتب لنوافذ : إصــــــــلاح جــــــديد أم ميلاد متعثر لمنظومة تعليمة وطنية عصرية؟

اثنين, 06/07/2020 - 10:48

نوافذ (نواكشوط ) ــ في نافذتنا على "إصلاح التعليم " المرتقب ننشر اليوم مشاركة كتبها لنوافذ نقيب مفتشي التعليم الثانوي والفني إسلم ولد سيدي أحمد سالم ، والتي عنونها ب " إصــــــــلاح جــــــديد أم ميلاد متعثر لمنظومة تعليمة وطنية عصرية؟ " 

وفي ما يلي نص المشاركة : 

بدأ التعليم النظامي في موريتانيا كتعليم استعماري)l’enseignement colonial(في

الربع لأول من القرن الماضي وحمل معه في النشأة عوامل ضعفه من خلال ثنائية المدرسة النظامية بالمدينة ومدرسة الرحالة(les ecoles des nomade)

1. ـ كانت أول مدرسة بكيهدي 1912 ,لم تسبق إلا بمدرسة الصفوة  (في أندار  Medrasse),تدرس محتويات المقررات الجزائرية 1908 . ثم مدرسة ابي تليميت 1914، ومدرسة أطار 1936 فكيفه وتمبدغه 1939.

لم تكن المحتويات المدرسة ذات صلة بالواقع ولا اللغة من اختيارات المستهدفين ماجعل استنكاف المدرسة النظامية (الاستعمارية) يتجذر لتصبح الدعوي للإصلاحمطلبه.

لذا فإن أول ا صلاح (جزء) كان1959’ اقتصر على إدخال اللغة العربية والتربية الإسلاميةفي المقررات المدرسة.

تلاه إصلاح 1967(إضافة سنة تمهيدية معربة بالكامل). ثمإصلاح 1973(جعل اللغة العربية لغة رسمية واللغة الفرنسية لغة عمل). وفي 1979 تم إقرارانظاما الشعبتين ’ الذي نتج عنه في الواقع خلق جيلين متمايزين ثقافياوإتنينا.

ولكن الشعور بفشل كل هذه الإصلاحات وهبوط مستوي التحصيل العلمي أفرزا الحاجة إلى إصلاح جديد بأهداف فكان إصلاح 1999 م

من أهدافه: توحيد النظام التربوي ’ تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية تعزيز تدريس اللغات الأجنبية.

لما كانت هذه الإصلاحات لم تحقق أهدافها تصبح التساؤلات المشروعة والمنطقية كتالي:

2. ماهي متطلبات الإصلاح التربوي؟ وما هي أسباب ضعف التعليم في بلادنا؟ ما أبرزالاختلالات التي يعني منها نظامنا التعليمي وما السبيل لإصلاحها؟ وهل من دور للتكوين المستمر والإشراف التربوي في بناء واستدامة وجودة التعليم؟

هذه التساؤلات رغم شموليتها لا تحيط بالموضوع ولا تحيلإلى ما نحن بصدده لذا أضيف:

3. هل تكفي مراجعة البرامج لإصلاح التعليم؟ مادور الكتاب المدرسي ولوسائل الديداكتيك؟

وهل فكرنا في المدرس ومشاكله؟والتلميذة وحاجياته المعرفية والنفسية والمؤثرات الخارجية التي تأثر عليه؟وما هو واقع البنية التحتيةوما ضرورتها كفضاء لتعلم يقوم عليها الإصلاح؟

أسئلة قد تكون إثارتها أهم من الأجوبة التي سيقدمها هذا الباحث أو ذاك.

رغم تسليمنا بهذه المصادرة سنحاول الإجابة.

أولا:يكاد الإجماع ينعقد على أن متطلبات الإصلاح كثيرة وتتفاوت في الأولوية والأهمية ومن أكثرها أولوية:

  1. الانخراط في حوار وطني جاد’ ومعمقيفضيإلى توافق على حل مشكل اللغة والهوية الحضارية للأمة الموريتانية وإشراك كافة الفاعلين والشركاء في العملية التربوية باعتبارها تهم الجميع’ وهذا يعني أن علينا:
  2. مراجعة جادة لكتابة برنامج (منهج) مؤسس على فلسفة تربوية (مقبولة) أن يوجه نحو إعراض معرفة وان يعتمد على طرائق متميزة ومناسبة لتحقيق إقراضه أن يناط أمر تخطيطه وتنفذه بأناس ذوي كفاءة ممتازة ’ ولابد أن ينال ثقة جمهور كبير من المنفذين العاملين في الميدان ’ وان يكون محل اجمعا من مختلف الفاعلين كما أن عليه أن يناسب وظيفة التربية في المجتمع الموريتاني مراعى لثقافة وحضارة مكوناته الأثنية (العرقية) ’ وملبيا لأمانيهم ’ وآمالهم في المستقبل
  3. التحلي بالواقعة والموضعية والشموليةليذعن الجميع ــ رضيا ــ بتدريس اللغة العربية كلغة الدولة ودستور، وباللغة الفرنسية والانكليزية لتواصل مع المجتمع الدولي، مؤسسات التمويل والتشغيل، وذهب إلى ابعد حد في ترقية اللغات الوطنية ليتمكن الجميع من التواصل والتفاهم ’ وصيانة تراثه الثقافي’ وأرثه الحضاري
  4.  عودة المدرسة الجمهورية لتنمية اللحمةالوطنية’ إزالة الفوارق الطبقية ولنيتم ذالك إلابإلزام جميع المتعلمين ــ في المرحلة الابتدائية على الأقل ــ بالدراسة في حجرة واحدة وبزي موحد’ والاهتمام بالتعليم الخاص وتشيعه’ وجعله مكملا للتعليم العام.
  5. مراجعة الخريطة المدرسية وتزويد المدارس بالحضانات المدرسية في بعض المناطق من ولايات الوطن (كوركل ’ لبراكنه ’ لعصابة ’ ترارزه ’ كيدماغه).
  6. تغير الضوارب والتوقيت بحيث يصبح الدوام صباح ومساء ’ ويصبح النجاح مشروطا بحصول التلميذ على 10/20 في كل المواد للتجاوز والنجاح في الشهادة
  7. دمج محتويات بعض المواد المدرسة وتخفيف المحتوي في كل المواد ’ وتوزيعه على السنوات والتركيز على الجانب المهارى والسلوكي إلى جانب المعرفي
  8. أتخلي عن بعض المواد في المرحلة الثانوية والإبقاء على مواد التخصص واللغات في كل الشعب
  9. استحداث تخصصات جديدة (كما أوصت بذالكالمنتديات الماضية)
  10. التوجه لبناء مؤسسات تلائم التقدم الحضاري والتقني وتجهزها بيداغوجيا
  11. التوجه للتعليم الرقمي (التعليم عن بعد)
  12. لا يؤدي كل هذا إلى بلوغ الغبيات المنشودة إلا إذا تم تحسين وضعية المدرس ماديا ومعنويا ’ واختير على أساس كفاءته العلمية

 

ثانيا: يرجع البعض من المتخصصينأسباب ضعف التعليم،أو التحصيل المدرسي إلي:

  1. ضعف التكوين الأصلي للمدرس وعدم احترام التخصص، فغالبية المدرسين تم استبقائهم في المدارس المهنية الوطنية سنتين ولم يستزيدواعلما، ولامهارات لان هذه المدارس تعاني من اختلالات في المناهج’ ما يعني عدم تطابق برامجها والمحتويات المدرسة وهذا اختلال بين. ثم إن ولوج هذه المدارس يتم بمسابقات تصحح بدلالة تغطية النقص في الميدان، فتجد خريج اقتصاد يدرس الرياضيات،أوالفيزياء.وخريجي قانون يدرس فلسفة أو العربية أو التربية الإسلامية. وهذا يخالف المسلمة القائلة:(تقوم عملية التدريس على أساسين متينين ثابتين:أن يعرفالمدرس كيف يدرس وماذا يدرس).
  2. غياب التكوين المستمر بعد الخدمة:

" فقد أكد كل مفلسفي التخطيط والإنماء على ضرورة تطوير الطاقات البشرية باعتبارهاأهم مستلزمات لأعمار الاقتصاديوالاجتماعي،ورأوا أن أي برنامج إنماء يقوم علىالقوة البشرية نفسها بالإعداد والتوجيه والتدريب لضمان استمرار هذه البرامج، ورفع مستوي مردودية الفرد على المجتمع".

إن كل تدريب للقوة البشرية أثناء ممارسة مختلف الأعمال بات من الضروريات، خاصة في مجال التعليم ’ فالتعليم يرافق الحياة ولأنها متجددة، ويتسم المتعلمون بالنمو فإن على الخطط والبرامج التعليمية أن تواكب نموهم، وتلبي حاجياتهم المعرفية والوجدانية.ولا شكأن مفهوم جون ديويعن التربية " بأنها عملية نمو واستمرار في النمو وإعادة بناء الخبرات الإنسانية صحيحة من كل الوجوه وستظل دائما من ابعد المفاهيم التربوية أثرا في حياة المشتغلين في التربية«.

فالمعلم في أمس الحاجة إلى أعادة بناء خبراته وتجديدها لتتمشى مع هذا العالم المتطور والمتغير وإلا فإنه ومدرسته وطلابه يتخلفون حيث يتقدم الآخرون ’ وهذا أمر لا ترضاه المدرسة الحديثة "

  1. من المعروف أن وضعية المدرس المادية تأثر على مردود يته ’ وهذه الوضعية غاية في البأس والتردي فلابد من منحه راتبا شهريا كافيا.

 كذلك جودة وحداثة الكتاب المدرسي لها بالغ تأثير وهو رديء شكلا ومضمونا فقد لايطابق المقررات المدرسة ومليء بالأخطاء العلمية’ ولا يتوفر بالعدد الكافي.

  1. لا يعير النظام التربوي ’ لما في ذلك المدرس والكتاب، أي أهتم لنمو الطفل سواء كان بدنيا أم معرفيا. فقد نظر العلماء إلى مفهوم النمو بشكل عام ’ فمنهم من يري أن النمو بيولوجي ’ ومنهم من يري أنه يسر بشكل متوازي ’ وقد يشهد بعض القفزات.

فما هو النمو؟ وما هو النمو العقلي؟

" إن النمو هو تغير تدريجي منتظم في سلوك الإنسان ناتج عن النضج المتمثل في التغيرات البيولوجية ’ والفسيولوجية التي يتعرض لها الإنسان أثناء الحياة ’ والتعلم المتمثل في تعامل الإنسان مع البيئة "

" أما النمو العقلي فهو القدرة على التفكير ’ وهذا يعني أنه يرتبط بعلاقات مع المحسوسات البيئة التي تنقل إلى الدماغ عن طريق الحواس حيث يقوم الدماغ بمعالجتها عن طريق الإدراك " ’ ولهذا النمو جوانب أخرى.

ثالثا:انطلاقا من هذا التشخيص هل تكفي مراجعة البرامج لإصلاح التعليم؟

ليس هذا السؤال من نوع الأسئلة التي يجاب عليها بنعم أو لا ’ لأنه يرتبط بأسئلة أخريمثل:

ما هي البرامج وما هي طرائق التدريس المناسبة؟

  1. المنهج الدراسي هو: " مجموع المقرر الدراسي الذي يخضع له التلاميذ خلال سنة دراسية أو سلك دراسي ’ وغالبا ما يكون مجموعا مصاغا وفق غايات ومحتويات وكفايات وطرق بيداغوجية «. إذن هو بديل المقرر المدرسي الذي يرتبط بمحتوى المادة مع بعض التوجهات المحدودة.

" إن المنهاج أو البرنامج أشمل من المقرر حيث يتضمن المرامي والأهداف والأنشطة التعليمية والتعلمية وإجراءاتالتقويم بالإضافة إلىالمحتويات.  من هنا يتضح أن بناء البرنامج لايمكن إن يتم دون مشاركة من سيقوم بتنفيذه. (كماأسلفنا) ".

  1. طروق التدريس: طروق التدريس كثيرة ويتم اختيار الطريقة لمناسبتها للبرنامج ’ والتي تحقق الهدف التربوي ’ ويقصد بالهدف التربوي الغاية أو الغرض أو البغية أو القصد الذي يسعى النظام التربوي أو المدرس إلي الوصول إليه.

ومن أحدث الطرق وأكثرها نجاعة: الطرق النشطة ’ والمقاربة التفاعلية وطريقة المشروعات وتدريس بالوضعيات المشكل حيث غدت مدخلا لتعلم متمحور حول التلميذ ’ جاعلتا أيه في قلب العملية التعليمية ’ ومنطلقة في تعلمه من مشاكله اليومية وحاجة محيطه ’ الشيء الذي يجعله فرضا مدمجا ومتكيفا مع محيطه السوسيو ثقافي ’ وفاعلا في حل مشاكل مجتمعه

  1. مفهوم الديداكتيك (didactigue)يطلق على تأملات أومقترحات حول منهجيات تدريس تخصص قصد تحصيل المعارف وتملكها. ويمكن تعرفه بأنه الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته ’ ولأشكال تنظيم مواقف التعليم التي يخضع لها التلميذ قصد بلغ الأهداف المنشودة سواء على المستوي العقلي أو الوجداني أو الحسي الحركي

أما هدف الديداكتيك فهو دراسة الظروف المحيطة بمواقف المتعلم ’ ومختلف الشروط التي توضع أما التلميذ لتسهيل ظروف تمثيلاته’ وتوظيفها أو أبعدها أو وضعها موضع تغير ومراجعة لخلق تصورات وتمثيلات جديدة.

إن عدم إتقان المدرس لطروق التدريس ’ وعدم قدرته على توظيف الوسائل الديداكتيك من عوامل ضعف التحصيل.

  1. من خلال ما تقدم من تشخيصا لواقع التعليم في بلادنا ’ وما أوضحنا من اللوازملبناء منظومة تعليمية عصرية يتضح أن إصلاح المناهج ليس كافيا ’ أن بناء منظومة جديدة هو الحل الوحيد لتجاوز الوضعية الراهنة.

فإلي أي حد سيأخذ هذا الإصلاح المرتقب بكل أسباب النجاح؟

 

  • إصلاح النظام التربوي الموريتاني 1999 لأهداف والنتائج / لارابس محمد/تقرير نهاية تكوين المفتشين بالمدرسة العليا للأساتذة
     محمود
  • تنمية الكفاءات التربوية / الدكتور عبد القادر يوسف
  • النمو المعرفي عند الطفل / الدكتور النبيل عبد الهادي
  • طروق تدريس الفلسفة في التعليم الثانوي الموريتاني / إسلمو أحمد سالم /تقرير نهاية تكوين المفتشين بالمدرسة العليا للأساتذة
  • المنير في بناء التفكير /وثيقة لتكوين الأساتذة/ المفتشان/الحاج مصطفي /إسلمو أحمد سالم